Tuesday, February 20, 2007

يوم الواقفة



أما اليوم الثالث
فهو يوم واقفة اليوم الذى يسبق يوم العيد وهو فى العيد الفطر يوم الحدس يعنى نفضل طول اليوم نقول يترى بكره العيد ولا صيام حسب ما المفتى حيعلن ناس تقول حنفطر بكره اصل السعودية حتفطر بكرة وكل ما أسأل واحدة من اخواتى البنات تقول لى أصل السعودية صاموا قبلنا بيوم والحكومة عايزة توحد العيد وطبعا كان الكلام يريد تفسيرا وكنت لا اقتنع يعنى ايه الحكومة عايزة توحد العيد ولما أسأل أخى الأكبر كان يقول لى الرؤيه هى التى تحدد وفى السعودية يعطون المبلغ الف ريال أما هنا فيعتمدون على المشاهدة من أعلى جبل المقطم وأماكن أخرى المهم ننتظر حتى الاعلان وكان والدى يذهب الى ميدان العباسية حيث كان عضو فى المجموعة التى تحضر هذا الاعلان وتسمى التشريفة ويترأسها مندوب عن جلالة الملك والوزراء والأعيان
وان كان يوم صيام
فلا جديد أما اذا
أعلن عيدا
فلنا عادات تبدأ بتقبيل جدتى وأمى والدادة ثم أختاى وتهنئة أخى والانتظار مجتمعين عودة أبى من التشريفة لنقدم له التهنئة المصحوبة بدعوات جدتى له ولنا بالخيرات ثم يبدأ كل منا فى تصرفاته الخاصة أنا ابتدء بالدخول فى أحضان جدتى ومداعبتها حتى أضمن رضاها عنى لأحصل على عيدية طيبة ولتتوسط لى عند والدى ليتركنى أذهب الى ميدان السيدة زينب مع أقرانى لركوب المراجيح الكبيرة ذات القوارب والفرامل الكاوتش حيث كانت المراجيح الموجودة فى شارعنا مراجيح صغيرة ذات الأحبال والكراسى الخشبية ولأمرها لأخى الأكبر بالذهاب معى حيث أن أمى كانت لا توافق الا بشريطة أن أكون برفقة أخى
وبعد أخرج متسللا الى الفناء ومنه الى بيت عمى
لأعيد على زوجة عمى وعلى صغيرتها ( زوجتى الآن ) ووحيدتهما حيث يكون عمى عند أبى وأهل الحى من الذين يسهرون ليلة العيد عندنا حيث تشدو أم كلثوم أغنيتها الرائعة ياليلة العيد أنستينا والقرآن الكريم بصوت الشيخ عبد العظيم زاهر وكان من الرعيل الأول من قراء مصر المحروسة وكان يسكن شارعنا وصديقا لوالدى وكانت أمى تقدم لهم أطباق المهلبية المزدانة بالزبيب ومجروش الفستق كعادتها فى ليلة العيد الفطر من كل عام فقد كان نذراً عليها لا أعرف ما سببه أو لا أتذكره الآن
وأعود من بيت عمى
واعدا الصغيرة بأننى سأركبها المراجيح غداً وسأصطحبها المتجر المجاور لنا لشراء الحلوى وأشاهد معها فستانها الجديد الذى كانت تصمم على ارتداءه لأكون أول من يراه عليها وكأن الصغيرة كانت تعلم أننى سأكون أول من يرى فساتينها الجديدة طوال العمر
وبعد عودتى
تدخلنى الدادة الحمام الذى كنت أصر الا تدخله معى فقد كبرت وأستحى وجودها أو أمى ولكن كنت أرضخ لدخول جدتى فتساعدنى وأخرج مرتديا بيجامتى الجديدة مقابلا بالتنعيم من الجميع وعقبال بيجامة العريس وأدخل سريرى لأحلم بيوم العيد والعيديات وأعمامى وأخوالى وأصدقائى وخلانى .......

اليوم التاني السابق للعيد والكعك



أما اليوم الثانى من الأيام السابقة للعيد
هو يوم الكعك وفى مساء ليلته يأتى والدى بجوال كبير من الطحين ( الدقيق ) وجرة من الفخار المزجزج مملؤة بالسمن البلدى وكيس من الخوص الأبيض مملؤ بالسمسم وبورش من الخوص الأحمر مملؤ بالعجوة المنسولة خالية النوى من بلدتنا بعد زيارة قصيرة ليوم واحد يرافقه فيها أخى الأكبر ليتناول الافطار مع أعمامى المقيمين بالبلدة والذين يقومون بزراعة أرض أبى الموروثة عن جدى ويأتى بما ذكرت ومعه سحور لنا وافطار اليوم التالى من خيرات ريفنا ومما تربيه عمتى من الداجن الطائر والسابح والماشى وتكون والدتى وأختاى قد خرجتا بعد الافطار الى بين الصورين وابتاعتا لوازم الكعك من الملابن والروائح والفستق وجوز الهند والشيكولاتة الخرز وتكون مساعدة والدتى قد ربت الخمائر لكل صنف على حدة
وجهزت الأوعية والمناخل بدرجاتها الثلاثة والأوانى النحاسية والتى تم صقلها وبياضها قبل هلت رمضان حيث يأتى مبيض النحاس
مع عماله ويقيد النار بكوره الشهير ويظل يوما كاملا لا يترك فيه آنية دون صقل وبياض مستخدماً رجليه مستنداً بيديه على الحائط وكأنه راقصا فى فرقة الفنون الشعبية ولعلمكم كانت جميع الأولنى المستخدمة فى المنازل فى هذا الزمان من النحاس حيث لم تكن الألمونيوم مستعملة أو يسمع عنها أحد ولا البلاستيك ولا الميلامين والاستانلى ستيل كنا نسمع عنه ونراه فى الساعات بديلاً للفضة
ونعود لكعكنا
وبعد السحور وعودتنا من المسجد تقوم أمى ومساعدتها وأختاى كل الى ماعليه من واجب من نخل للدقيق وايقاد للفرن البلدى الملحق بحجرة العجين والخبيز بالجهة القبلية من حوش البيت وأقوم من نومى عل قرقعة الأوانى وطرقعة العجين أثناء قيامهن بلته كما موجات البحر بطريقة محترفة يلتف فيها العجين مابين الماجور ( آنية العجين ) وزراعى أمى ثم يرقد طائعا وتربت عليه بيدها وكأنه طفل رضيع تنيمه بعد حمام ساخن وتقول له اخمر براحتك على ماأشوف غيرك وكأنه أحد أبنائها ثم
تجلس أختاى على طبلية خشبية مستديرة وبيد كل واحدة منهن منقاش
وهو يشبه الملقاط ولكنه أكبر وأرق وله نهايتان عريضتان بعض الشئ عن بدنه وينتهيتان بمسننات كما المشط وتلقطان أقراص الكعك التى جهزتها والدتى وحشتها بالملبن والفستق أو بالعجوة وتقومان بالرسم عليها بزخارف جميلة ثم يأتى دورى الذى أنتظره من العام للعام وهو رص الكعيكعات المنقوشة فى الصاجات وحملها الى المساعدة التى تجلس أمام الفرن وفى يدها عود من الحديد ملفوف عليه قطعة مبللة بالماء وتلفه على الحديدة التى نضع عليها الصاجات قبل وضعها وتلك عملية مهمة جدا لتبريد الحديدة المتقدة حتى لا تحرق قاع الصاج فيحرق الكعك وكانت الدادة حسب قولهن أحسن سيدة فى المنطقة تخبز الكعك والخبز وكانت الجارات يطلبونها من أمى لمساعدتهن ...........

الاستعدادات في الايام السابقة للعيد

سأحكى لكم كيف كنا نقضى يوم العيد فى حينا الشعبى ويسبق يوم العيد ثلاثة أيام هامة الأول يوم نزولنا مع أبى وأمى لشراء ملابس العيد وعادة يكون فى أوائل النصف الثانى من رمضان وفى هذا اليوم لا ننام أنا وأختاى نظل ننظف دواليبنا ونقصقص أفرخ الجلاد الملونة بطرق زخرفية جميلة ونفرشها فى الأدراج ونأخذ الشماعات وكانت تصنع من الخشب الزان ونغسلها ونجففها ويأتى أخى الأكبر بسائل شفاف يلمعها لنا ونحن قابعين مبهوتين كيف تعلم تلك العملية عملية الدهان بالفرشة وكان يسميها المشط وكنا نسأل أمى كل ساعة هل أعطاكى أبى قيمة الاستمارة لنعرف كم سيكون نصيب كل منا
والاستمارة عبارة عن
أمر صرف من الوزارة الى محلات سليم سمعان وصيدناوى وكانت من أشهر محلات الملابس والمفروشات فى القاهرة ومكانها فى ميدان الخازندار بالقرب من العتبة الخضراء وحديقة الأزبكية وهذا الأمر تصدره الوزارة باسم أبى بالمبلغ المطلوب للشراء ويتعتبر الاستمارة سند مالى كأنه دفع نقداً ثم تقوم الوزارة بتحصيل المبلغ من مرتب أبى دون أى فوائد ولكننا كنا نستفيد بخصم على الأسعار حسب اتفاق الوزارة مع تلك المحلات المهم كانت تلك الاستمارة لا تزيد عن مرتب شهروتخصم على ستة شهور حتى يتسنى للموظف عمل واحدة أخرى للعيد التالى ولكن مرتب أبى كان كبيرا حوالى 60 جنيها ولذلك كانت استمارته تقابل فى محلات صيدناوى بالترحاب الشديد وكان الخواجة مدير المحل يأتى الينا ويراجع مشترواتنا ويطلب لأبى القهوة ولنا الليمون وكانت سعادتى بهذا الموقف لا توصف خاصة لو كان هناك أحد من أقرانى مع عائلته فى المحل ومن ضمن ماكانت أختى الكبرى رحمها الله توصينى به ليلة الشراء
أن أكون متزناً وأنا أشرب الليمون المتوقع حتى لا يقع على الأرض أو ملابسى فيغضب أبى
وفى العاشرة صباحا
نكون نازلين من الحنطور أمام المحل ويدخل أبى تليه أمى ثم أختاى ثم أنا وأخى الأكبر وكان أنيقاً مهندماً كما أبى ويستقبلنا موظفى المحل بترحاب شديد ويزداد الترحاب بعد معرفة قيمة الاستمارة ويذهب أحدهم لابلاغ المديرالذى يأتى مهرولا طالبا من العمال احضار كراسى وقهوة وليمون وكانت الكراسى خشبية الصنع مبطنة بالقطن ويجلس أبى وتجلس أمى وتبدأ بطلبات أبى وتنتهى بطلبات البنات مارة بأخى وأنا ,أمى وهى عادة ملابس داخلية ومناديل وبدلتان لى ولأخى وفستانان للبنات أما أبى وأمى فكانا يشتريان قماشا يذهبان به الى الترزى فى شارع المبتديان بجوار دار الهلال ولا ننسى البيجامات المقلمة لى ولأخى وهما لا زمتان لليلة العيد

ابنة عمي وزوجتي

وظلت تلك المشاعر الخيالية
تجاه صفية تراودنى كأحلام يقظة أضع نفسى فيها تارة سعادة وهناء بحب جارف وتارة أخرى عذاب وشقاء لبعد المنال ومحال الوصول وحتى بدأت علاقة من نوع آخر تربطنى
بابنة عمى تلك الصغيرة الهادئة
التى لا ترفع نظراتها عنى طوال وجودى جوارها وكنت أرى فيها شيئا غريبا وتعلقا أحس بأبديته وأرى نفسى وبتعليمات أمى مسؤلا عن طلباتها فأخواتها الذكور أطفال صغار منهم من كان يحبوا ومن على صدر أمه وكانت ترطبت أمى وزوجة عمى بصداقة وحب وكأنهما أختان كانا محل اعجاب جدتى لأبى أليست هى من اختارت كنت أكبر ابنة عمى بحوالى ثمانى سنوات ودخلت المدرسة ابنة السنوات الست وأنا عمرى يناهز الرابعة عشر ولما بلغت السابعة عشرة كان العبد لله ابن الخامسة والعشرون ضابطا مهندسا برتبة الملازم أول يرتدى بدلة التشريفة العسكرية ذات الحليات المقصبة
يجلس فى كوشة الفرح
وبجانبه عروسه طالبة اعدادى كلية الطب جامعة عين شمس ترتدى فستانها الأبيض المطرز بحبات اللؤلؤ وطرحتها الملفوفة أمامها والموسيقى تتناغم ويشدو المطرب كارم محمود رحمه الله بأغانيه الفرايحى وكان من مطربى الصف الأول آن ذاك وكعادة المصريون فى المناطق الشعبية العريقة يلتف الجميع أقارب وجيران وأبناء الحى والأحياء المجاورة لحضور الحفل وحمايته ويرقص الشبان والشابات
وكانت صفية هى نجمة المدعيين
ترقص معهم فرحة بزواج صديقتها وزميلتها فى الدراسة الابتدائية ولم استطيع يومها عن كباح خيالى الذى عاد يقلب الماضى القريب ها هى صفية الحب الخيالى ترقص مهنئة لا على بالها وهاهى حبيبتى وابنة عمى تلك الصغيرة التى كنت أمسك يدها لأعبر بها الميدان متجها الى مولد السيدة زينب أم هاشم لأركبها المراجيح وأشهدها السيرك والحاوى وما زلنا الى يومنا هذا نحضر هذا المولد ولكن اختلفت الرؤا فللصلاة وتوزيع الصدقات كما عودنا أبى رحمه الله .....
ذهبنا بعيدا وسبقنا الأحداث ولنعود مرة أخرى الى استكمال يومنا بعد العودة من المدرسة

على ضوء القمر


ونعود الى ذكرياتنا والتى توقفنا على خروجنا من مدرسة محمد على باشا الابتدائية فور انتهاء اليوم الدراسى وكما ذكرت لكم سأعود حرا دون والدى والعم مجاهد سائق الحنطور الملاكى خاصة أبى والطريق الى منزلنا أو بيتنا لأنه فى هذا الوقت كانت تطلق كلمة منزل على بيوت الضيافة والمساكن المؤجرة ( المكرية )
أما البيوت
فعلى المساكن الخاصة ملك قاطنيها كان الطريق يمر بأماكن هامة جدا منها ماكنت أعرفه وأدخله ومنها ماكنت أراه ولا لأقدر الاقتراب منه ومنها ماكنت أسمع عنها وأخافها فمثلا بمجرد خروجى من المدرسة واتجاهى الى ميدان السيدة زبنب رضى الله عنها وأرضاها كان يقع على اليمين أشهر محل لبائع الفول المدمس على مستوى القاهرة كلها وهو محل المعلم رضوان الجحش أى والله الجحش وكان يورد على ماسمعت للقصر الملكى كل صباح فول الافطار وكان مكتوب على اليافطة التى تعلو الباب اعلى الاسم بخط عريض باللون الأحمر مورد القصور الملكية كنوع من التباهى وسط أقرانه من أصحاب المحلات وعلى ما سمعت من بعض أقاربى ساكنى منطقة المهندسين بالقاهرة أن لابنائه الآن محلات هناك ومشهورة ويرتادها علية القوم وكان يقع أمامه فى الجهة الأخرى من الميدان مسمط المعلم ابراهيم الركيب المشهور بلحمة الرأس والمبار وأعرف أنه أصبح شهيرا وله مطاعم فى جميع المناطق الراقية فى القاهرة أما فى أول شارع السد فكانت تقع سينما الشرق ومازالت الى الآن فى موقعها وفى البيت المجاور من الناحية البحرية للسينما كان يقع بيت عم قناوى حارس باب دخول الطلبة فى مدرستى ووالد
صفية
تلك الفتاة التى ذكرتها لكم فى الحلقة الثانية تلك الفتاة المليحة الرقيقة التى كانت تمثل لى هاك الوقت الوجد واللوعة كنت أختلق لنفسى قصة غرام مراهقة خيالية عن رغبتى فى الزواج منها ورفض أبى وأمى لتدنى مستوى والدها الاجتماعى وعلى لقاءات تصورية بيننا نخطط فيها كيف نواجه هذا الظلم أى والله كنت أتخيل قصصا وحوارات بيننا بهمسات فى ضؤ القمر الخافت وهى بجوارى فى قارب ينساب على صفحات النيل كما كان يحدث فى الأفلام القديمة من رومانسيات الفنان حسين صدقى وليلى مراد وكانا أشهر من يؤدى أدوار الحب العفيف على الشاشة الفضية آن ذاك الزمن الجميل زمن المراهقة العفيفة البريئة كنت أهمسها عبارات الغزل الرقيقة وأتلمس الشعيرات المضفرة التى تنسدل كما وريقات نبات السيسبان الناعمة على كتفيها وكانت ترد يدى بلمسات من أناملها الرقيقة الدقيقة كانت تسرى فى أوصالى رعشة تدغدغها لا أجد مفرا بعدها سوى صمت رهيب لاأفوق منه الا على نبسات من بين شفتيها وكأنها ترنيمة عصفور قمرى صغير يشدو خليله أن ماذا سنفعل يا حبيبى فأنا لاأتخيل نفسى لسواك أبدا فأأخذ يدها بين راحتى وأضمهما الى صدرى لاثما أطراف أصابعها مبللا سليماتها بقطرات من عينى فتلف زراعيها الرقيقان حول عنقى ساحبة رأسى لتنام على صدرها واضعة خدها على رأسى ولا أفوق من هذا الخيال الا بنداء من احدى أختاى وكانت الكبرى دائما تقول لى والله أتحدى انك بتحب وأنا عارفة انت بتحب مين كمان وتتركنى أضرب أخماسا فى أسداساا كيف عرفت ...